كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل: سماع سورة براءة لأنها مشتملة على كيفية المعاملة مع المشركين والأولى حمله على كل الدلائل، وإنما خص القرآن بالذكر لأنه الكتاب الحاوي لمعظم الدلائل. واعلم أن الأمان قد يكون عامًا يتعلق بأهل إقليم أو بلدة أو ناحية وهو عقد المهادنة ويختص بالإمام وقد مر في تفسير قوله تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} وقد يكون خاصًا يتعلق بأفراد الكفار وهذا يصح من الولاة ومن آحاد المسلمين أيضًا وهذا مقصود الآية وإنه ثابت غير منسوخ. روي عن سعيد بن جبير أن رجلًا من المشركين جاء إلى علي رضي الله عنه فقال: أراد الرجل منا أن يأتي محمدًا بعد انقضاء هذا الأجل يسمع كلام الله أو يأتيه لحاجة قتل؟ قال: لا. واستدل بالآية.
وعن السدي والضحاك هو منسوخ بقوله: {فاقتلوا المشركين} وشرط الأمان الإسلام والتكليف فيصح من العبد والمرأة والفاسق. روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: «يسعى بذمتهم أدناهم». وعن أم هانئ قالت: أجرت رجلين من أحمائي فقال صلى الله عليه وسلم: «أمنا من أمنت». ويعتبر أن الإسلام والتكليف الاختيار فلا يصح أمان المكره على عقد الأمان، وينعقد الأمان بكل لفظ مفيد للغرض صريحًا كقوله: أجرتك أو لا تخف، وكناية كقوله: أنت على ما تحب أو كن كيف شئت، ومثله الكتابة والرسالة والإشارة المفهمة. روي عن عمر أنه قال: والذي نفسي بيده لو أن أحدكم أشار بأصبعه إلى مشرك فنزل على ذلك ثم قتله لقتلته. هذا إذا دخل الكافر بلا سبب أما إذا دخل لسفارة فلا يتعرض له، وكذا إذا دخل لسماع الدلائل وقصد التجارة لا يفيد الأمان إلا إذا رأى الإمام مصلحة في دخول التجار. وحكم الأمان إذا انعقد عصمة المؤمن من القتل والسبي فإن قتله قاتل ضمن بما يضمن له الذمي، ولا يتعدى الأمان إلى ما خلفه في دار الحرب من أهل ومال، وأما الذي معه منهما فإن وقع التعرض لأمانه اتبع الشرط وإلا فالأرجح أن لا يتعدى الأمان إلى ذلك. وقد بقي في الآية مسألة أصولية هي أن المعتزلة استدلوا بالآية على أن كلام الله تعالى هو هذه الحروف المسموعة ويتبع ذلك أن يكون كلامه محدثًا لأن دخول هذه الحروف في الوجود على التعاقب. وأجيب بأن هذه المسموعة فعل الإنسان وليست هي التي خلقها الله تعالى أوّلًا عندكم فعلمنا أن هذا المسموع ليس كلام الله بالاتفاق فيجب ارتكاب التجوز ألبتة، ونحن نحمله على أنها هي الدالة على الكلام النفسي فلهذا أطلق عليها أنها كلام الله كما أن الجبائي قال: إن كلام الله شيء مغاير لهذه الحروف والأصوات وهو باقٍ مع قراءة كل قارئ. وزعم بعض الناس حين رأوا أنه تعالى جعل كلامه مسموعًا أن هذه الحروف والأصوات قديمة ليلزم قدم كلامه تعالى وفيه ما فيه، ثم أكد المعاني المذكورة من أول السورة إلى هاهنا فقال على سبيل الاستنكار والاستبعاد {كيف يكون للمشركين عهد} المرفوع اسم كان وفي خبره ثلاثة أوجه: الأول {كيف} وقدم للاستفهام، الثاني {للمشركين} وعند على هذين ظرف للعهد أو ليكون أو للجار أو هو وصف للعهد.
الثالث الخبر {عند الله} و{للمشركين} تبيين أو متعلق بـ {يكون} و{كيف} حال من العهد يعني محال أن يثبت لهؤلاء عهد وهم أضداد لكم يضمرون الغدر في كل عهد، فلا تطعموا في الوفاء منهم ولا تتوانوا في قتلهم. ثم استثنى منهم المعاهدين عند المسجد الحرام الذين لم يظهر منهم نكث كبني كنانة وبني ضمرة ثم بيّن حكمهم فقال: {فما استقاموا لكم} في ما وجهان: أحدهما أن تكون زمانية وهي المصدرية على التحقيق أي استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم. الثاني شرطية أي إن استقاموا لكم على العهد فاستقيموا لهم على مثله.
{إن الله يحب المتقين} فيه إشارة إلى أن الوفاء بالعهد والاستقامة عليه من أعمال المتقين.
ثم كرر الاستبعاد فقال: {كيف} وحذف الفعل لكونه معلومًا أي كيف يكون لهم عهد {و} حالهم أنهم {إن يظهروا عليكم} أي يغلبوكم، ويظفروا بكم وذلك أن الغلبة من الكمال عند الشخص وكل من تصور في نفسه كمالًا فإنه يريد أن يظهر ذلك لغيره فأطلق الظهور على الغلبة لكونه من لوازمها {لا يرقبوا} لا يراعوا {فيكم} ولا ينتظروا بكم {إلا ولا ذمة} قال في الصحاح: الأل العهد والقرابة. ووجه ذلك في الكشاف بأن اشتقاقه من الأل هو الجؤار والأنين لأنهم إذا تحالفوا رفعوا به أصواتهم، وسميت به القرابة لأنها تعقد بين الرجلين ما لا يعقده الميثاق. وفي الصحاح أيضًا أن الأل بالكسر من أسماء الله عزّ وجلّ. وفي الكشاف أنه قرئ {إيلا} بمعناه. وقيل: جبرئيل وجبرئلّ من ذلك. وقيل: منه اشتق الأل بمعنى القرابة كما اشتقت الرحم من الرحمن. قال الزجاج: الأل عندي على ما توجبه اللغة يدور على معنى الحدّة من ذلك الألة الحربة، وأذن مؤللة محدّدة. ومعنى العهد والقرابة غير خارج من ذلك، والذمة العهد وجمعها ذمم وذمام وهو كل أمر لزمك وكان بحيث لو ضيعته لزمك مذمة. وقال أبو عبيدة: الذمة ما يتذمم منه أي ما يجتنب فيه الذم. قال في الكشاف {يرضونكم} كلام مبتدأ في وصف حالهم من مخالفة الظاهر الباطن مقرر لاستبعاد الثبات منهم على العهد وإباء القلوب مخالفة ما فيها من الأضغان لما يجرونه على ألسنتهم من الكلام الجميل. ثم قال سبحانه: {وأكثرهم فاسقون} عن ابن عباس: لا يبعد أن يكون بعض هؤلاء الكفار قد أسلم وتاب فلهذا لم يحكم بالفسق على الكل.
والظاهر أنه أراد أن أكثرهم فساق في دينهم لا يتحرزون عن الكذب ونقض العهد الذي هو مذموم في جميع الأديان والنحل {اشتروا} استبدلوا {بآيات الله} بالقرآن أو بالإسلام {ثمنًا قليلًا} هو اتباع الأهواء {فصدوا عن سبيله} فصرفوا عنه غيرهم وعدلوا هم أنفسهم. قال مجاهد أراد الأعراب الذين جمعهم أبو سفيان وأطعمهم. وقيل: يبعد أن يراد طائفة من اليهود الذين أعانوا المشركين على نقض العهود، فإن هذا اللفظ من القرآن كالأمر المختص باليهود ولأنه وصفهم بقوله: {لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة} ولو أراد المشركين كان تكرارًا {وأولئك هم المعتدون} المتجاوزون حدود الله في دنيه وما يوجبه العهد والعقد. ثم قال: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة} فإن كان هذا في اليهود وما ذكره قبل في الكفار فلا تكرار، وإن كان كلاهما في الكفار فجزاء الأول تخلية سبيلهم وجزاء الثاني قوله: {فإخوانكم} أي فهم إخوانكم {في الدين} فلم يكن من التكرار في شيء. قال ابن عباس: حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة: {ونفصل الآيات} نبينها {لقوم يعلمون} لأنهم هم المنتفعون بالبيان. وهذه جملة معترضة تفيد الحث على التأمل في أحكام المشركين وعلى المحافظة على مواردها {وإن نكثوا} يعني هؤلاء التائبين {أيمانهم من بعد عهدهم} أي من بعد إسلامهم حتى يكونوا مرتدين، أو المراد نكث المشركين عهودهم ومواثيقهم. والنكث نقض طاقات الخيط من بعد برامه.
{وطعنوا في دينكم} ثلبوه وعابوه {فقاتلوا أئمة الكفر} هي جمع إمام وأصلها أأممة كمثال وأمثلة نقلت حركة الميم إلى الهمزة وأدغمت الميم في الميم، وهو من وضع الظاهر موضع المضمر دلالة على أن من كان بهذه المثابة من الغدر وقلة الوفاء وعدم الحياء فهو عريق في الكفر متقدم فيه لا يشق كافر غباره. وقيل: خص سادتهم بالذكر لأن من سواهم يتبعهم لا محالة. ثم أبدى غرض القتال بقوله: {لعلهم ينتهون} ليعلم أن الباعث على قتالهم هو ردهم إلى طاعة معبودهم رحمة عليهم لا أمر نفساني وداعٍ شهواني ووسط بين الأمر بالقتال وبين الحامل عليه قوله: {إنهم لا أيمان لهم} تنبيهًا على العلة الفاعلية للقتال، أثبت لهم الأيمان أوّلًا في الظاهر حيث قال: {وإن نكثوا أيمانهم} ثم نفاها عنهم في الحقيقة لأن إيمانهم ليست مما يعد أيمانًا إذ لم يوفر بها. وبهذا تمسك أبو حنيفة في أن يمين الكافر لا تكون يمينًا، وعند الشافعي يمينهم يمين لأنه تعالى وصفها بالنكث ولو لم تكن منعقدة لم يتصور نكثها. ومن قرأ {لا إيمان} لهم بالكسر أي لا إسلام لهم أو لا يعطون الأمان بعد الردة والنكث فظاهر. قال العلماء: إذا طعن الذمي في دين الإسلام طعنًا ظاهرًا جاز قتله لأن العهد معقود معه على أن لا يطعن فإذا طعن فقد نكث عهده وخرج من الذمة.
ثم شرع في ذكر سائر الأسباب المحرّضة على القتال فقال: {ألا تقاتلون} قال أهل المعاني: إذا قلت: ألا تفعل كذا. فإنما يستعمل ذلك في فعل مقدر وجوده. وإذا قلت: ألست تفعل تقول في ذلك في فعل تحقيق وجوده. والفرق أن لا ينفي بها المستقبل فإذا دخلت عليه الألف صار تحضيضًا على فعل ما يستقبل وليس مستعمل في نفي الحال فإذا دخلت عليه الألف صار لتحقيق الحال. قال ابن إسحاق والسدي والكلبي: نزلت في كفار مكة نكثوا أيمانهم بعد عهد الحديبية وأعانوا بني بكر على خزاعة وهموا بإخراج الرسول من مكة حتى هاجر أو من المدينة. يريد اليهود هموا بإخراجه منها ونكثوا عهده وظاهروا أبا سفيان عليه صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب. وقيل: همت قريش يوم الحديبية بأن يدخلوه صلى الله عليه وسلم مكة ثم يخرجوه قبل أن يتم حجه استخفافًا به صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا أريد بالهم العزم على الفعل وإن لم يوجد {وهم بدؤكم أول مرّة} بالقتال يعني يوم بدر لأنهم حين سلم العير قالوا: لا ننصرف حتى نستأصل محمدًا ومن معه. أو المراد أنهم قاتلوا حلفاءه من خزاعه، أو المراد أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءهم أولًا بالكتاب المنير وتحداهم به فعدلوا عن المعارضة لعجزهم عنها إلى المقاتلة والبادئ أظلم. والحاصل أن من كان في مثل صفاتهم من نكث العهد وإخراج الرسول والبدء للقتال حقيق بأن لا تترك مقاتلته وأن يوبخ من فرط فيها. ثم زاد في التوبيخ فقال فيه {أتخشونهم} تقريرًا للخشية منهم وتقوية لداعية القتال كما إذا قلت للرجل: أتخشى خصمك لأنه يستنكف أن ينسب إلى كونه خائفًا من خصمه. ثم بيّن ما يجب أن يكون الأمر عليه قائلًا {فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين} يعني أن قضية الإيمان الصحيح أن لا يخشى المؤمن إلا الله، لأن قدرته أتم وعقابه أشدّ بل لا قدرة إلا له ولا يكون إلا ما يريد. وفي الفاء نوع من تعليل لأن الاستفهام في معنى النهي كأنه قيل: لا تخشوهم لأن الله أحق بالخشية وأحرى بالطاعة، وفيه نوع مجازاة كأنه قيل: إن صح أنكم مؤمنون فلا تخشوا إلا الله. ثم زاد في تأكيد الأمر بالقتال فقال: {قاتلوهم} ورتب عليه خمس نتائج: الأولى: قوله: {يعذبهم الله بأيديكم} أي القتل والأسر واغتنام الأموال، وهذا لا ينافي {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} [الأنفال: 33] لأنه أراد هناك عذاب الاستئصال. قالت الأشاعرة: في الآية دلالة على أن الذي يدخل في الوجود من الأفعال كلها من الله يظهرها على أيدي العباد.
واعترض الجبائي بأنه لو كان كذلك لجاز أن يقال: كذب الله أنبياءه على لسان الكفرة. وأجيب بأن الأمر كذلك عندنا إلا أنا لا نقوله رعاية للأدب كما لا يقال يا خالق الخنافس والحشرات. وكما أنكم لا تقولون يا مسهل أسباب الزنا واللواط ويا دافع الموانع عنها. الثانية: {ويخزهم} قيل: هو الأسر وقيل: المراد ما نزل بهم من الذل والهوان حين شاهدوا أنفسهم مقهورين في أيدي المؤمنين وهو قريب من الأول. أو هو هو. وقيل: هو عذاب الآخرة. والثالثة: {وينصركم عليهم} أورد عليه أن النصر يستتبعه إزاء الخصم فأي حاجة إلى إفراده بالذكر؟ والجواب أن المغايرة كافية في إفراد كل من المتلازمين بالذكر على أنه من المحتمل أن يحصل لهم الخزي من جهة المؤمنين إلا أن المؤمنين يحصل لهم آفة لسبب آخر، فلما وعدهم النصر على الإطلاق زال ذلك الاحتمال. الرابعة: {ويشف صدور قوم مؤمنين} هم خزاعة. وعن ابن عباس: بطون من اليمن وسبأ، قدموا مكة فأسلموا فلقوا من أهلها أذى شديدًا فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون إليه فقال: أبشروا فإن الفرج قريب. الخامسة: {ويذهب غيظ قلوبهم} قيل: شفاء الصدر وإذهاب غيظ القلب كلاهما بمعنى فيكون تكرارًا. والجواب أن القلب أخص من الصدر كقوله:
يا دار ميَّة بالعلياء فالسند

أو شفاء الصدر إشارة إلى الوعد بالفتح، ولا ريب أن الانتظار شاق وإن كان مع الثقة بالموعود فإذهاب غيظ القلب إشارة إلى الفتح وقد حصل الله لهم هذه المواعيد كلها وكان ذلك دليلًا على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وإعجازه. ثم قال: {ويتوب الله على من يشاء} وهو ابتداء كلام للإخبار بأن بعض أهل مكة يتوب عن كفره وقد وقع، فقد أسلم ناس منهم وحسن إسلامهم. وقرئ {ويتوب} بالنصب بإضمار أن ودخول التوبة في جملة ما أجيب به الأمر من طريق المعنى كقوله: {فأصدق وأكن} [المنافقون: 10] أما أن التوبة كيف تقع جزاء للمقاتلة فذلك من قبل الكفرة واضح فإن القتال قد يصير سببًا لتوبة بعضهم عن الكفر، وأما من جهة المؤمنين فلعل القتال كان شاقًا على بعضهم فإذا أقدم عليه صار ذلك العمل جاريًا مجرى التوبة عن تلك الكراهة. وأيضًا أن حصول النصر والظفر إنعام عظيم والعبد إذا شاهد توالي النعم لم يبعد أن يصير ذلك داعيًا له إلى أن يتوب عن جميع الذنوب وقد تصير كثرة المال والجاه سببًا لتحصيل اللذات بالطريق الحلال فينتهي عن الحرام. وأيضًا الإنسان حريص على ما منع فإذا انفتحت عليه أبواب الخيرات الدنيوية فربما يصير ذلك سببًا لانقباضه عن الدنيا وإعراضه عنها وهذا هو أحد الوجوه التي ذكروها في تفسير قوله تعالى حكاية عن سليمان: {رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي} [ص: 35] يعني بعد حصول هذا الملك لا ينبغي للنفس الاشتغال بالدنيا {والله عليم} بكل ما يجري في ملكه وملكوته {حكيم} مصيب في أفعاله وأقواله وأحكامه وتدابيره. عن ابن عباس أن قوله: {ألا تقاتلون} الآية. ترغيب في فتح مكة لأن النتائج المذكورة مشاكلة لتلك الأحوال. واستبعده الحسن لأن هذه السورة نزلت بعد فتح مكة بسنة. ثم بين أنه ليس الغرض من إيجاب القتال نفس القتال وإنما المقصود أن يؤتى به انقيادًا لأمر الله ولتكاليفه ليظهر المخلص من المنافق فقال: {أم حسبتم} الآية. وقد مرّ وجه إعرابه في آل عمران عند قوله: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا} [آل عمران: 142]. وقوله: {ولم يتخذوا} معطوف على {جاهدوا} داخل في حيز الصلة. والوليجة لبطانة يعني الحبيب الخالص فعيلة من ولج كالدخيلة من دخل، أو هو الرجل يكون في القوم وليس منهم. قال الواحدي: يقال هو وليجتي وهم وليجتي يستوي فيه الواحد والجمع. ومعنى الآية لا تحسبوا أن تتركوا على ما أنتم عليه ولم يظهر بعد معلوم الله من تميز المجاهدين المنافقين من المجاهدين الخلص الذين جاهدوا لوجه الله ولم يتخذوا حبيبًا من الذين يضادون رسول الله والمؤمنين. ثم ختم الآية بقوله: {والله خبير بما تعملون} ليعلموا أنه لم يزل عالمًا بالأشياء لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء فيجدّوا في استقامة السيرة ويجتهدوا في نقاء السريرة. اهـ.